dimanche 15 janvier 2012

نظرية وضع الاجندا

نظرية الأجندة ترتيب الأولويات

إن مقترب تحديد الأجندة التي تصنف في خانة نظرية الاتصال ذات التأثير المعتدل يعد الأكثر ثراءا من حيث عدد الدراسات والأبحاث التي أنجزت وكذلك عدد البلدان التي أعد فيها اختبار فرضياته، وإذا كان بعض الناس ينسبون نظرية تحديد الأجندة إلى باحثين اثنين لفضلهما في ابتكار التسمية وتحليل الظاهرة بطريقة وبأدوات أكثر دقة، في واقع الأمر، فإن جذور هذه النظرية تعود إلى العشرينات من القرن الماضي، وكذلك هناك مرحلتين تميزان هذا المقترب:ما قبل الثمانينات من القرن الماضي وما بعده، وكل مرحلة تعكس السياقات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتكنلوجية التي سادت أنداك، وأبرز مظاهرها أن دراسات تحديد الأجندة تمت في أنظمة سياسية ديموقراطية ومفتوحة وفي عهد ما قبل الثورة الرقمية في قطاع الإعلام، وزيادة على ذلك ،فإن مرحلة الثمانينات أتت بمفاهيم جديدة ساهمت في إثراء المنظور ككل، على غرار التأطير والاستهلالية والانتباه والسمة البارزة في الخبر.
وتحتل دراسات وضع الأجندة أهمية خاصة في المجتمعات الديمقراطية التي تولي عناية خاصة لاهتمامات الرأي العام وتوجيهاته كمدخلات في عمليات صنع القرار ات ووضع السياسات على كافة  المستويات، فيما تهتم الدول غير الديمقراطية بدراسات وضع الأجندة رغبة في إحكام السيطرة على الرأي العام، اذ يتم توظيف وسائل الاعلام لتركيز اهتمام الرأي العام حول قضايا بعينها وكذلك تشتيت انتباه الرأي العام بشأن قضايا أخرى لا يراد له التفكير فيها.
إن الافتراض الأساسي لمقترب تحديد الأجندة بكل بساطة مفاده أنه أثناء عملية صنع الأخبار تقوم وسائل الإعلام باختيار بعض القضايا من بين الكم الهائل الموجود على الساحة لتضعها في مستهل الأخبار، في الوقت الذي لا تكتسي فيه أهمية في أذهان الجمهور، وتصبح هذه القضايا، مع مرور الوقت والتوكيد
عليها وتكرارها، مهمة في أذهان الجمهور وجزء لا يتجزأ من أجندته القائمة.
ويرجع بعض الباحثون في تاريخ وضع الأجندة إلى أن أول إشارة مباشرة إلى وظيفة وضع الأجندة ترتيب الأولويات"ظهرت عام 1958 في مقال لنورتن لونج، إلا أن أفضل تصريح حول هذه الوظيفة ظهر لدى برنارد كوهين في كتاب الصحافة والسياسة الخارجية عام 1963 والذي قال أن الصحافة يمكن ألا تكون ناجحة كثيرا في أن تقول للناس بماذا يفكرون، ولكنها ناجحة إلى حد كبير في أن تقول للقراء عن الأشياء التي يفكرون حولها.
نقد النظرية:
لقد تعرضت نظرية ترتيب الأولويات لجملة من الانتقادات نجملها فيما يلي
-1 نظر الكثير من الباحثين لعملية وضع الأجندة وافتراضات هذه النظرية إلى أن وسائل الإعلام هي المنوط  تحديد الأجندة الإعلامية للجمهور الذي يتبناها فتصبح أجندته، إلا أن بعض الباحثين أمثال VIVIAN نظر إلى العملية من زاوية أخرى تعلي من قوة الجمهور لدرجة أن دوره قد يفوق قوة وسائل  الإعلام ذا التي تضطر أحيانا لتبني أجندة الجمهور، فتصبح اجندته الإعلامية، ذلك أن الأفراد متمرسون ولديهم درجة تحكم عالية في تحديد أجنداتهم الذاتية.
-2 انتقدت النظرية في تفسيرها خلال فترات زمنية معينة خاصة في بداياتها على أساس العلاقة  الارتباطية الخطية التي ترى أن أجندة وسائل الإعلام تؤثر في أجندة الجمهور دون الأخذ في الحسبان عوامل ومتغيرات أخرى، وهو ما يجعل من عملية وضع الأجندة كونها غير تفاعلية، ونرى أنه على المستوى الراهن ورغم الدراسات التي رصدت تأثيرات المتغيرات الوسطية في هذه العملية إلا أن نتائج هذه الدراسات متناقضة وأحيانا تثبت حيادية بعض هذه المتغيرات وهو ما يدعم بروز هذا الانتقاد بقوة، كما يشير التراث النقد لنظرية الغرس الثقافي، إلى أن الارتباط ليس سببا إذا من الممكن أن تعكس تغطية الصحف والتلفزيون اهتمامات هذا الجمهور التي يعبر عنها المسار نظرية وضع الأجندة بإهمالها التأثيرات المحتملة لما فكر فيه الناس خاصة ما يتعلق منها بالإجابة عن بعض
الأسئلة مثل: من؟ وأين؟ ولماذا؟ فقد ركزت على سؤال ماذا؟ فقط.
-4 اختلاط وتضارب نتائج الدراسات التي اهتمت باختيار تأثير متغير طبيعة القضايا في عملية وضع الأجندة فبعضها أكدت نتائجها على قوة دور وسائل الإعلام في وضع أجندة القضايا غير الملموسة بينما الأخرى خلصت إلى عكس ذلك بالنسبة للقضايا حسب طبيعتها نظرا لعدم وجود معايير قاطعة(لتصنيف القضايا سوى احتكاك الجمهور وخبرام بالقضايا
-5 انتقدت النظرية بشأن اتصافها بأن تأثيراتها قصيرة الأجل ولو بشكل نسبي، إذ يلزم على وسائل الإعلام الإخبارية أن تصيد التأكيد على عرض القضية كي لا تتعرض ذاكرة الجمهور بشأن هذه القضية للذبول أو النسيان، كما يختلف المدى الزمني لاستمرارية هذه التأثيرات بحسب اختلاف الوسيلة حيث تدوم تأثيرات الضعف لوقت أطول، وكذلك بحسب نوع القضية، فمن الطبيعي أن تسقط بعض
القضايا من أجندتي وسائل الإعلام والجمهور مع التغطية الإخبارية التي تقوم بإبراز بعض القضايا الجديدة
-6 تعرضت النظرية أيضا للنقد من جانب أنه ليس هناك علاقة نسبية بين الأهمية التي تضفيها وسائل الإعلام على القضية المثارة، ومدى أهمية هذه القضية بالنسبة للجمهور، بمعنى أنه ليست بالضرورة أن تكون القضية مهمة للجمهور، كما تعتقد وسائل الإعلام ومن ثم فإن الدراسات التي قامت على هذه الفرضية دون التثبت من مصداقيتها تثير نتائجها كثيرا من الشكوك المنهجية وهو ما يشكك في التراكم إلى أن Dennis Mcquail النظري الذي قامت عليه نظرية ترتيب الأولويات، وهذا ما حذا بالباحث يؤكد أن نظرية ترتيب الأولويات مقبولة علميا، لكنها لا تزال تحتاج إلى تأكيد مصداقيتها
-7 من بين أهم الانتقادات الموجهة لنظرية ترتيب الأولويات هو افتقارها إلى مناهج بحثية متعددة ومختلفة، فبالرغم من تجاوز عدد البحوث في مجال وضع الأولويات 350 بحث إلا أن هناك أسئلة لا تزال تبحث عن إجابات تتعلق بالعملية الإعلامية التي يتم من خلالها ترتيب الأولويات، ومن هذه الأسئلة:
- ما المؤسسات الإعلامية الأخرى التي تؤثر في ترتيب أولويات الجمهور؟
من يسهم في تحديد المدى الزمني الذي تظل فيه القضية معينة تتصدر اهتمامات الناس كما تعرضها عليهم وسائل الإعلام؟
- ما هي المعايير التي يحدد ا القائم بالاتصال أهمية قضية معينة قبل نشرها في الوسيلة الإعلامية؟
- كيف تصاغ قضية معينة للنشر قبل عرضها على الجمهور؟ وما هي المعايير التي يتم ا تحديد حجم التغطية الإعلامية لقضية معينة بحيث تختلف في أهميتها عن القضايا الأخرى؟ فمثل هذه الأسئلة تحتاج إلى إجابات تفرض مناهج بحثية متعددة ولا تقتصر على منهج واحد.